عَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَنْ اتَّبَعَ جَنَازَةَ مُسْلِمٍ إِيمَانًا وَاحْتِسَابًا وَكَانَ مَعَهُ حَتَّى يُصَلَّى عَلَيْهَا وَيَفْرُغَ مِنْ دَفْنِهَا، فَإِنَّه يَرْجِعُ مِنْ الْأَجْرِ بِقِيرَاطَيْنِ كُلُّ قِيرَاطٍ مِثْلُ أُحُدٍ، وَمَنْ صَلَّى عَلَيْهَا ثُمَّ رَجَعَ قَبْلَ أَنْ تُدْفَنَ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ بِقِيرَاطٍ".
* رواهـ الـبـخـاري.
(فتح الباري بشرح صحيح البخاري)
قَوْله: (مَنْ اِتَّبَعَ):
هُوَ بِالتَّشْدِيدِ، وَلِلْأَصِيلِيِّ " تَبِعَ " بِحَذْفِ الْأَلِف وَكَسْر الْمُوَحَّدَة، وَقَدْ تَمَسَّكَ بِهَذَا اللَّفْظ مَنْ زَعَمَ أَنَّ الْمَشْي خَلْفهَا أَفْضَل، وَلَا حُجَّة فِيهِ، لِأَنَّهُ يُقَال تَبِعَهُ إِذَا مَشَى خَلْفه أَوْ إِذَا مَرَّ بِهِ فَمَشَى مَعَهُ، وَكَذَلِكَ اِتَّبَعَهُ بِالتَّشْدِيدِ وَهُوَ اِفْتَعَلَ مِنْهُ، فَإِذَا هُوَ مَقُول بِالِاشْتِرَاكِ.
قَوْله: (وَكَانَ مَعَهُ): أَيْ: مَعَ الْمُسْلِم، وَلِلْكُشْمِيهَنِيِّ "مَعَهَا": أَيْ : مَعَ الْجِنَازَة.
قَوْله: (حَتَّى يُصَلِّي): بِكَسْرِ اللَّام وَيُرْوَى بِفَتْحِهَا، فَعَلَى الْأَوَّل لَا يَحْصُل الْمَوْعُود بِهِ إِلَّا لِمَنْ تُوجَد مِنْهُ الصَّلَاة، وَعَلَى الثَّانِي قَدْ يُقَال يَحْصُل لَهُ ذَلِكَ وَلَوْ لَمْ يُصَلِّ، أَمَّا إِذَا قَصَدَ الصَّلَاة وَحَال دُونه مَانِع فَالظَّاهِر حُصُول الثَّوَاب لَهُ مُطْلَقًا، وَاَللَّه أَعْلَم.
قَوْله: (وَيُفْرَغ):
بِضَمِّ أَوَّله وَفَتْح الرَّاء، وَيُرْوَى بِالْعَكْسِ، وَقَدْ أَثْبَتَتْ هَذِهِ الرِّوَايَة أَنَّ الْقِيرَاطَيْنِ إِنَّمَا يَحْصُلَانِ بِمَجْمُوعِ الصَّلَاة وَالدَّفْن، وَأَنَّ الصَّلَاة دُون الدَّفْن يَحْصُل بِهَا قِيرَاط وَاحِد، وَهَذَا هُوَ الْمُعْتَمَد خِلَافًا لِمَنْ تَمَسّك بِظَاهِرِ بَعْض الرِّوَايَات فَزَعَمَ أَنَّهُ يَحْصُل بِالْمَجْمُوعِ ثَلَاثَة قَرَارِيط.