عَنْ أَبِي سَعِيدٍ الْخُدْرِيِّ وَعَنْ أَبِي هُرَيْرَةَ رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمَا، عَنِ النَّبِيِّ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ: "مَا يُصِيبُ الْمُسْلِمَ مِنْ نَصَبٍ وَلَا وَصَبٍ وَلَا هَمٍّ وَلَا حُزْنٍ وَلَا أَذًى وَلَا غَمٍّ حَتَّى الشَّوْكَةِ يُشَاكُهَا إِلَّا كَفَّرَ اللَّهُ بِهَا مِنْ خَطَايَاهُ".
* رواهـ الـبـخـاري.
(فتح الباري بشرح صحيح البخاري)
قَوْله "مِنْ نَصَب": هُوَ التَّعَب.
قوله: "وَلَا وَصَب": أَيْ: مَرَض، وَقِيلَ هُوَ الْمَرَض اللَّازِم.
قوله: "وَلَا أَذًى": هُوَ أَعَمّ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَقِيلَ: هُوَ خَاصّ بِمَا يَلْحَق الشَّخْص مِنْ تَعَدِّي غَيْره عَلَيْهِ.
قَوْله: (وَلَا هَمّ وَلَا حُزْن): هُمَا مِنْ أَمْرَاض الْبَاطِن، وَلِذَلِكَ سَاغَ عَطْفهمَا عَلَى الْوَصَب.
قَوْله: (وَلَا غَمّ): هُوَ أَيْضًا مِنْ أَمْرَاض الْبَاطِن، وَهُوَ مَا يُضَيِّق عَلَى الْقَلْب.
وَقِيلَ فِي هَذِهِ الْأَشْيَاء الثَّلَاثَة وَهِيَ: الْهَمّ وَالْغَمّ وَالْحُزْن:
أَنَّ الْهَمّ يَنْشَأ عَنْ الْفِكْر فِيمَا يُتَوَقَّع حُصُوله مِمَّا يُتَأَذَّى بِهِ.
وَالْغَمّ كَرْب يَحْدُث لِلْقَلْبِ بِسَبَبِ مَا حَصَلَ.
وَالْحُزْن يَحْدُث لِفَقْدِ مَا يَشُقّ عَلَى الْمَرْء فَقْده.
وَقِيلَ: الْهَمّ وَالْغَمّ بِمَعْنًى وَاحِد.
وَقَالَ الْكَرْمَانِيُّ: الْغَمّ يَشْمَل جَمِيع أَنْوَاع الْمَكْرُوهَات، لِأَنَّهُ إِمَّا بِسَبَبِ مَا يَعْرِض لِلْبَدَنِ أَوْ النَّفْس.
وَالْأَوَّل: إِمَّا بِحَيْثُ يَخْرُج عَنْ الْمَجْرَى الطَّبِيعِيّ أَوْ لَا.
وَالثَّانِي: إِمَّا أَنْ يُلَاحِظ فِيهِ الْغَيْر أَوْ لَا، وَإِمَّا أَنْ يَظْهَر فِيهِ الِانْقِبَاض أَوْ لَا، وَإِمَّا بِالنَّظَرِ إِلَى الْمَاضِي أَوْ لَا.