المكان : أحياء القاهرة
الزمان : يوم من أيام صيف عام 2085
حفيدة في سن المراهقة (12 سنة) تجلس مع
جدتها
(70 سنة)
ويدور بينهما هذا الحوار
___________________
الحفيدة : تيته ميرو إزيك..بقى لي زمان ما
قعدتش معاكي
الجدة : وهو أنا عارفة أتلم عليكي خالص.. ده
أنا قاعدة زهقانة قوي ومش لاقية حاجة تسليني
الحفيدة : ومابتفتحيش الدش ليه يا تيته
الجدة : التليفزيون بقى ممل خالص مافيهوش غير
سبعتلاف وخمسميت محطة بس!.وأنا كمان ما
بعرفش أغير المحطات
الحفيدة : وإيه الحلاوة دي؟ حلو البادي اللي انتي
لابساه ده..بس ده موضة قديمة قوي ياتيته
الجدة : يا بنتي أنا ست دقة قديمة وبالبس زي ما
جيلنا الصاعد اتعود وحسب التقاليد القديمة بتاعتنا
الحفيدة : أيوه بس مش حاسة إنك مخنوقة وانتي
لابساه؟
الجدة : أبداً ده هو ده اللبس المحتشم اللي
مفروض الكل يلبسه ويحافظ عليه..فين أيام زمان
لما كنا نلبس البادي اللي مبين البطن والظهر
بس، مع البنطلون السترتش الجلد …كانت حاجة
آخر روشنة
الحفيدة : ياه يا تيته.. ده انتوا كان ليكم تقاليد
غريبة خالص
الجدة : وهو انتي فاكرة إن أيامكم دي أيام؟
يا بنتي أيامكم دي ما يعلم بيها إلا ربنا .. فين أيام
سنة 2007 هي الواحدة فينا كانت تستجري
تشرب سيجارة البانجو ولا تسحب لها سطر بودرة
قدام أبوها؟
طب ده الدنيا كانت تتقلب ساعتها وما تتعدلش ..
أمال إيه .. كان فيه حاجة اسمها أخلاق
الحفيدة : معقول يا تيته؟ للدرجة الفظيعة دي!!؟
الجدة : أمال انتي فاكرة إيه .. وبعدين كانت الست
من دول ما تلبسش اللبس الخليع بتاع اليومين
دول..يعني الجيبة كان ما يقلش طولها عن شبر
ربع .. وكانوا الستات يلبسوا فوقيها بلوزة
باستمرار ..مش زي دلوقتي! حسبي الله نعم
الوكيل
الحفيدة : يا خبر .. وإيه كمان ياتيته
الجدة : ح أقول لك إيه ولا إيه يعني خدي عندك
مثلاً
زمان كنا نسمع الطرب الأصيل لمطربين
حقيقيين :مصطفى قمر وعمرو دياب وطبعاً كانت
سيدة الغناء شاكيرا، وكانت الأغنية مدتها أكثر من
دقيقتين متواصلين من الطرب الأصيل والموسيقى
الهادية الراسية اللي تعمر النافوخ بصحيح كانوا
مطربين روشين وآخر طحن، حسبي الله ونعم
الوكيل
الحفيدة : وبعدين ياتيته؟
الجدة : وبعدين كنا نسمع على حاجة اسمها
اسطوانات ليزر،ودي صحيح انقرضت، بس كان
ليها طعم عن دلوقتي، يا سلام لما كنا نحطها في
الووكمان ونعلقها في حزام البنطلون كده
ونمشي في الشارع كده، كانت أيام
جميلة.حسبي الله ونعم الوكيل
الحفيدة : حكاويكى ممتعة قوي يا تيته .. ثانية
واحدة بس لما أصحي سمسم صاحبي فى
المدرسة لأنه بايت معايا في الأودة من
امبارح .أصل الإنسان الآلي بتاع
الصحيان بايظ ولازم نصلحه النهاردة
الجدة : طيب ياحبيبتي روحي
(بعد عدة دقائق)
الحفيدة : هيه يا تيته.. وبعدين؟
الجدة : أحلى أيام بقى كانت أيام الدراسة، الفصل
كان على أيامنا رايق وعدد التلاميذ فيه ما يزيدش
عن ستين سبعين تلميذة، وكنا ساعتها بنعرف
نفهم الدرس كويس مش زى دلوقتي وكانت
الشوارع أيامها فاضية يعني كانت إشارة المرور
تقعد ساعة إلا ربع بس لأن مصر كلها كان تعدادها 70
مليون مش أكثر، تخيلي بقى الروقان اللي كنا
فيه؟ حسبي الله ونعم الوكيل
الحفيدة : 70 مليون بس؟
الجدة : أمال إيه .. عشان كده كانت كل حاجة
رخيصة ، يعني مثلاً كيلو اللحمة يوم ما يضربه
الدم كان يبقى بخمسة وثلاثين جنيه أو اربعين
جنيه، وكان أتخن جوز جزمة بـ 350 جنيه، وكان
الواحد يقدر يشتري شقة تمليك بـ250 ألف جنيه
بس..
وكان الدولار بخمسة خمسة جنيه وسبعين قرش بس
.. تخيلي
بقى؟
الحفيدة : ما هو علشان كده الجواز على أيامكم
كان سهل خالص، إحنا بقى خلصنا من العُقد دي
الجدة : أُمال إيه .. ده احنا الواحدة مننا كانت
بمجرد ما توصل سن 17 سنة تبتدي تفكر في
الجواز العرفى على طول، وما كانش عندنا الأفكار
الغريبة اللي بتعملوها دلوقتي، أنا شخصياً شايفة
إن ده أوفر شوية، ده احنا يا بنتي على أيامنا كان
لا يمكن البنت تتأخر بره البيت عن الساعة أربعة
الصبح، طب ده باباها كان ممكن ساعتها يخاصمها
الحفيدة : ياي! ده انتوا كنتوا متزمتين خالص ياتيته
الجدة : يا بنتي إحنا اتربينا على الأخلاق والفضيلة
والعادات والتقاليد . يعنى كان أهل الفن
محتشمين جداً وكانوا دايماً يطلعوا بالمايوهات
البيكيني، والمذيعات كانوا يقعدوا جنب الضيف
مش على ركبته زي دلوقتي
هيـ يـ يـ يـ ـه الله يرحم دي أيام.. فكرتيني بالذي
مضى حسبي الله ونعم الوكيل
(تمسك الجدة بتليفون محمول في حجم علبة الكبريت)
الحفيدة : ح تكلمي مين يا تيته؟
الجدة : الحقيقة أنا كنت موصية الجزار على اتنين
كيلو لحمة و اديته 600 دولار عربون وعايزة أطلبه
أشوف إذا كانت اللحمة وصلت ولا لأ
الحفيدة : (تنهض من مكانها) تشاو سي يو تيته
الجدة : سي يو
وبعد مرور عدة ساعات انتابت الجدة خلالها غيبوبة
بسبب الشيخوخة و في المساء دار هذا الحوار